الذكر والفكر عمدة منهج أهل التصوف

0
  علاء غنيم ــ 
قال الله تعالى :- {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ} (102 النساء).
وقال تعالى :- {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (10 الجمعة).
قوله تعالى {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً} (8 المزمل).
قوله تعالى {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} (25 الإنسان).
قوله تعالى {قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} (14-15 الأعلى).
قوله تعالى {قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ} (91 الأنعام).
وقوله تعالى :- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} (41-42 الأحزاب).
وقـال تعالى {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (35 الأحزاب).
وقال تعالى {وَاذْكُرْ رَّبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ} (41 آل عمران).
قال مجاهد: “لا يكون من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات، حتى يذكر الله تعالى قائماً وقاعداً ومضجعاً”.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما “المراد يذكرون الله في أدبار الصلوات، وغدواً وعشياً، وكلما استيقظ من نومه، وكلما غدا أو راح من منـزله ذكر الله تعالى”.
أما السنة النبوية فقد أخرج مسلم في صحيحه في كتاب الإيمان والترمذي في كتاب الفتن وأحمد في مسنده عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله)
أخرج البخاري في صحيحه في كتاب الدعوات عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قوماً يذكرون الله تنادوا هلموا إلى حاجتكم قال: فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا. قال: فيسألهم ربهم وهو أعلم منهم، ما يقول عبادي؟ قالوا: يسبحونك، ويكبرونك، ويحمدونك، ويمجدونك. قال: فيقول: هل رأوني؟ قال: فيقولون: لا والله ما رأوك. قال: فيقول: وكيف لو رأوني؟ قال: يقولون: لو رأوك كانوا أشد لك عبادة، وأشد تمجيداً، وتحميداً، وأكثر تسبيحاً. قال: يقول: فما يسألوني؟ قال: يسألونك الجنة. قال: يقول: وهل رأوها؟ قال: يقولون: لا والله يا رب ما رأوها. قال: يقول: فكيف لو رأوها. قال: يقولون: لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصاً وأشد لها طلباً وأعظم فيها رغبة. قال: فمم يتعوذون؟ قال: يقولون: من النار. قال: يقول: وهل رأوها؟ قال: يقولون: لا والله يا رب ما رأوها. قال: فكيف لو رأوها؟ قال: يقولون: لو رأوها كانوا أشد منها فراراً وأشد لها مخافة. قال: فيقول: فأشهدكم أني قد غفرت لهم. قال: يقول ملكٌ من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم وإنما جاء لحاجة. قال: هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم).
وأخرج الترمذي في كتاب الدعوات وحسنه، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قالوا: وما رياض الجنة؟ قال: حِلَقُ الذِكر). وحِلَقُ الذكر لا يشكلها فرد ولا بد لها من جماعة.
وروى الطبراني بإسناد حسن كما في «الترغيب والترهيب»، الجزء الثاني، صفحة 406، عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ليبعثن الله أقواماً يوم القيامة في وجوههم النور، على منابر من اللؤلؤ، يغبطهم الناس، ليسوا بأنبياء ولا شهداء، فجثا أعربي على ركبتيه فقال: حِلهم لنا نعرفهم. قال: هم المتحابون في الله من قبائل شتى يجتمعون على ذكر الله يذكرونه).
جاء في صحيح ابن حبان من رواية عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء قال: (انطلقت يوماً أنا وعبيد بن عمير إلى عائشة رضي الله عنها فكلمتنا وبيننا وبينها حجاب فقالت: يا عبيد ما يمنعك من زيارتنا؟ قال: قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: زر غباً تزدد حباً. قال ابن عمير: فأخبرينا بأعجب شيء رأيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فبكت، وقالت: كـل أمره كان عجباً، أتاني في ليلتي حتى مس جلده جلدي ثم قال ذريني أتعبد لربي عز وجل، فقام إلى القربة فتوضأ منها ثم قام يصلي فبكى حتى بل لحيته ثم سجد حتى بل الأرض ثم اضطجع على جنبه حتى أتى بلال يؤذن الصبح. فقال: يا رسول الله ما يبكيك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: ويحك يا بلال، وما يمنعني أن أبكي وقد أنزل الله تعالى علي في هذه الليلة {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ…} الآية. ثم قال: ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها). فقيل للأوزاعي ما غاية التفكر فيهن قال: يقرؤهن ويعقلهن.
وعن طاووس قال: قال الحواريون لعيسى بن مريم يا روح الله هل على الأرض اليوم مثلك؟ فقال: نعم، من كان منطقه ذكراً وصمته فكراً ونظره عبرة فإنه مثلي.
وقال الحسن: من لم يكن كلامه حكمة فهو لغو، ومن لم يكن سكوته تفكراً فهو سهو، ومن لم يكن نظره اعتبارا فهو لهو. وفي قوله تعالى {سَأَصْرِفُ عَنْ ءَايَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} (146 الأعراف) قال أمنع قلوبهم من التفكر في أمري.

وإذا أردنا معرفة حقيقة الفكر فإن الأمر يطول ويصعب في مكان لا تحمد فيه الإطالة والصعوبة، وتسهيلاً على إخوتنا أحثهم على التفكر في أمورٍ جانب منها يتعلق بآفات النفس والتفكر بالخلاص منها والسعي لتحويلها إلى خصال محمودة. فعلى السالك أن يتفكر في آفات نفسه كالبخل والكبر والعجب والحسد وشدة الغضب والرياء وحب المال والجاه وشره الطعام والوقاع. هذه الآفات على السالك التفكر بها للخلاص منها.
وجانب آخر يتعلق بأمور محمودة على السالك التفكر فيها والإكثار منها كالندم على الذنوب والرضى والصبر والشكر والزهد والإخلاص وحسن الخلق والحب. ثم إن على السالك أن يتفكر كل يوم ويحاسب نفسه بقية النهار على نهاره كيف أمضاه، وهل اجتنب النواهي وجاء بالأوامر الشرعية.
وتسهيلاً على السالك في هذا الركن من أركان الطريق أنصح بتوجيه الأسئلة التالية للنفس كل يوم حتى نقرن الفكر بالعمل، فيتفكر السالك بأمره ويسأل نفسه هذه الأسئلة:

· هل تفكرت في بديع صنع الخالق في أرضه وسمائه وجميع خلقه؟
· هل تفكرت في نفسك وبديع صنع الله لك؟
· هل ذكرت الله عند قيامك من نومك؟
· هل صليت الفجر جماعة؟
· هل قرأت أوراد الصباح؟
· هل استفتحت يومك بسؤال الله لك أن يرزقك الرزق الحلال؟
· هل سألت الله أن يدخلك الجنة واستعذت به من النار؟
· هل صليت اليوم السنن الراتبة والتطوع؟
· هل واظبت على قراءة الأوراد؟
· هل كنت خاشعاً اليوم في صلاتك وتدبرت معانيها؟
· هل اتقيت الله في ملبسك ومشربك وطعامك؟
· هل حمدت الله على نعمه؟
· هل قرأت وتعلمت وحفظت وتدبرت شيئاً من كتاب الله؟
· هل حفظت سمعك وبصرك ولسانك وجوارحك عن الحرام؟
· هل صليت على النبي صلى الله عليه وسلم اليوم؟
· هل عدت مريضاً؟
· هل أمرت بمعروف أو نهيت عن منكر؟
· هل شيعت جنازة؟
· هل نصحت في الله؟
· هل وصلت من قطعك؟
· هل عدلت في الغضب والرضى؟
· هل عفوت عمن ظلمك وأعطيت من حرمك؟
· هل كان صمتك فكراً ونطقك ذكراً ونظرك عبرة؟
· هل أحببت وأبغضت في الله؟
· هل أهديت هدية لتأليف قلب بزيادة حب ومودة؟
· هل حاولت الإقلال من الضحك؟
· هل تفكرت في نعم الله عليك؟
· هل بكيت من خشية الله أو حباً به؟
· هل تصدقت اليوم؟
· هل ابتسمت في وجه أخيك؟
· هل نطق لسانك غيبة ونميمة وسخرية؟
· هل تذكرت الموت والقبر والحساب والصراط والنار؟
· هل صمت نافلة؟
· هل ختمت يومك بتوبة نصوحاً؟
هكذا حاسب نفسك يوميا قبل ان تحاسب .. وخاصة قبل نومك .
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.