فرنسيون يشبهون التلقيح بـ”المحرقة النازية” ويضرمون النار في الخيام الطبية ويقطعون الكهرباء عن ثلاجات اللقاح
إضرام النار بالخيام الطبية، قطع التيار الكهربائي عن الثلاجات الحافظة لجرعات اللقاح أو الرسم على الجدران بعبارات تشبّه التطعيم بـ”المحرقة النازية”، كلها أعمال تخريب واسعة تعرَّضت لها مراكز التطعيم والمخابر والصيدليات في فرنسا، منذ إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون توسيع مجال إلزامية استعمال “الجواز الصحي”. ما أشعل مظاهرات حاشدة رفضاً لهذا الإجراء، غالباً ما تنتهي بصدام دموي بين المحتجين ورجال الشرطة.
بالمقابل، ومع ازدياد حدة العنف الحاصل بفرنسا حول إلزامية “الجواز الصحي”، تستمر الحكومة في تشبثها بأن لا مناص سوى الاستمرار في تطبيق قرارها ذاك، الذي دخل حيز التنفيذ منذ 9 أغسطس/آب الجاري. فيما الرفض الشعبي له مستمر، وسط تهديدات للعاملين في قطاع الصحة.
“هولوكوست” و”مذبحة جديدة”، المخربون يكتبون!
في 18 يوليو/تموز الماضي، اندلع حريق بمركز تطعيم في مقاطعة أورونيي شمال غرب فرنسا. الحريق لم يكن عادياً، حيث إن فرق التحقيق الفرنسية كشفت أن الحادث جرى بفعل فاعل. الأمر الذي أكده وقتها وزير الداخلية، جيرالد دارمانان، حين غرَّد قائلاً “هؤلاء الذين يقفون وراء حادث الحريق المتعمد يجب أن يعاقَبوا بشدة”.
فيما لم يكن ذلك سوى حادث ضمن أكثر من عشرين أخرى، تعرضت لها مراكز تلقيح ومختبرات تحاليل للكشف عن إصابات كورونا، حتى الصيدليات كذلك لم تنج من الأمر. ففي مدينة أودينكور، أقصى شرق البلاد، تعرض أحد مراكز التطعيم إلى قطع مفتعل للتيار الكهربائي دام لساعتين. لكن “لحسن الحظ” لم يكن القطع كفيلاً بإتلاف حوالي 3500 جرعة لقاح كانت مخزنة به، حسب ما قالت إدارته.
في الجنوب الفرنسي هذه المرة، في مقاطعة إيزير، حيث تعرض مركز تلقيح إلى تخريب كامل تسبب في إخراجه عن الخدمة. حيث هُشمت معداته، وكسرت كراسيه وطاولاته، وكتب على جدرانه عبارات من قبيل “المذبحة الجديدة”، “إنه هولوكوست!”، ورسمت عدة صلبان نازية معقوفة كذلك، في تشبيه لإجراء الجواز الصحي بما تعرض له اليهود من محرقة إبان الرايخ الثالث الألماني.
تعود بداية هذه الهجمات إلى ما بعد إعلان ماكرون عن توسيع استخدام “الجواز الصحي”، والذي أجج سخطاً عارماً في الأوساط الفرنسية. وصل إلى تهديد بالقتل للنواب، حسب ما جاء في رسالة تلقتها باتريسيا ميراييه، النائبة عن الأغلبية الحكومية الفرنسية والذي جاء فيها: “قولوا للنواب الآخرين أن يفكروا جيداً قبل الإدلاء بأصواتهم، لأنه من الآن فصاعداً الرصاص هو كل ما ستقابلونه”.
خطر إضافي على القطاع الصحي!
إزاء تلك التهديدات أعلن البرلمان فتح تحقيقات جنائية في الأمر، لأنه “من غير المقبول أن يخضع نواب الأمة إلى محاولات الترهيب من أجل التأثير على قراراتهم” حسب ما جاء في بيان البرلمان. أما بالنسبة للأعمال التخريبية، وجَّه وزير الداخلية الفرنسي، بطلب من رئيس الجمهورية، مذكرة يحث فيها مفوضي الشرطة على مضاعفة تأمين مراكز التلقيح ومختبرات الكشف عن كورونا.
كل ذلك يضاف إلى التهديدات للعاملين في القطاع الصحي بالحرق أو الضرب خلال الهجمات والمظاهرات بالإضافة إلى الصعوبات والتحديات، والتهديدات بالطرد من العمل، أو الإصابة بفيروس كورونا الذين هم على الخطوط الأمامية في مواجهته.
فيما ما زالت التهديدات باستقالات جماعية إذا لم تتراجع الحكومة عن قرارتها الأخيرة بخصوص “الجواز الصحي” قائمة، هذا ويستمر العاملون بالقطاع الصحي في خوض إضرابات متعددة، آخرها ذاك الذي جرى يوم الخميس 12 أغسطس/آب، حيث شلت الحركة بمستشفيات العاصمة باريس بأكملها.
ـــ
TRTعربي