
يخت ليدي مورا: رمز الفخامة يرسو بشاطئ المضيق
– هاشمي بريس
رسى اليوم على شاطئ مدينة المضيق الساحرة، حيث تتلاقى مياه البحر الأبيض المتوسط بالجبال الخضراء، رسا يخت فاخر يحمل اسم “ليدي مورا” (Lady Moura)، ليضيف لمسة من البهاء والرفاهية إلى المناظر الطبيعية الخلابة لهذه المدينة المغربية. هذا اليخت، الذي يُعدّ أيقونة في عالم اليخوت الفاخرة، ليس مجرد وسيلة نقل بحرية، بل هو قصر عائم يجمع بين التصميم الراقي، التكنولوجيا المتطورة، والتاريخ العريق. في هذا المقال، نأخذكم في رحلة لاستكشاف يخت ليدي مورا، تاريخه، مواصفاته، وأهميته كرمز للرفاهية العالمية.
تم إطلاق يخت ليدي مورا في عام 1990 من قبل حوض بناء السفن الألماني الشهير “بلوم آند فوس” (Blohm + Voss) في هامبورغ، وكان في ذلك الوقت أحد أكبر وأغلى اليخوت في العالم، حيث بلغت تكلفة بنائه أكثر من 200 مليون دولار (ما يعادل حوالي 481 مليون دولار في عام 2024). صُمم اليخت خصيصًا ليكون مقرًا عائمًا للعائلة، مع التركيز على الخصوصية والرفاهية.
كان المالك الأول لليخت هو رجل الأعمال السعودي الدكتور ناصر الرشيد، الذي استخدمه كمنزل عائم يجوب فيه البحر الأبيض المتوسط، خاصة بين موناكو وأنتيب وبالما دي مايوركا. في عام 2021، تم بيع اليخت إلى رجل الأعمال المكسيكي ريكاردو ساليناس بلييغو مقابل 125 مليون دولار من خلال وسيط اليخوت “كامبر آند نيكولسونز”، في صفقة سُجلت كواحدة من أكبر مبيعات اليخوت في تلك السنة.
يمتد يخت ليدي مورا على طول 104.85 مترًا (344 قدمًا)، مما يجعله واحدًا من أكبر اليخوت في العالم، حيث يحتل المرتبة 75 عالميًا من حيث الحجم. يتميز بهيكل وجسم مصنوعين من الفولاذ، مع هيكل علوي من الفولاذ والألمنيوم، وأسطح مغطاة بخشب التيك الفاخر. يتسع اليخت لـ 27 ضيفًا في 13 كابينة فاخرة، ويستوعب طاقمًا مكونًا من 72 فردًا، بما في ذلك قبطان السفينة، لضمان تجربة لا تُضاهى.
يتم تشغيل ليدي مورا بمحركين ديزل من طراز “ديوتز” (Deutz AG)، ينتج كل منهما قوة 6,868 حصانًا، مما يتيح لليخت الوصول إلى سرعة قصوى تبلغ 22 عقدة (حوالي 41 كم/ساعة) وسرعة إبحار مريحة تبلغ 17 عقدة. يحمل اليخت خزانات وقود بسعة 870,000 لتر، مما يمنحه مدى يصل إلى 8,000 ميل بحري، وهو ما يكفي لعبور المحيطات بسهولة.
من السمات المميزة لليخت تصميمه الداخلي والخارجي من قبل المصمم الإيطالي لويجي ستورشيو، الذي جمع بين الأناقة الكلاسيكية والتكنولوجيا الحديثة. يتميز اليخت بلوحة اسمه وشعاره المطلي بالذهب عيار 24 قيراطًا، وهي تفاصيل تعكس مستوى الفخامة التي يقدمها. يضم اليخت أيضًا ناديًا شاطئيًا مبتكرًا، كان الأول من نوعه عند إطلاق اليخت، مع شرفات قابلة للطي على كلا الجانبين لتوفير سهولة الوصول إلى الماء.
ليدي مورا ليس مجرد يخت، بل هو عالم مستقل من الرفاهية. يحتوي على سبعة طوابق، أحدها مخصص بالكامل للعائلة، ويضم جناحًا رئيسيًا بمساحة كاملة مع شرفة خاصة، بالإضافة إلى ست كابينات أخرى. تشمل وسائل الراحة على متن اليخت مسبحًا داخليًا بسقف قابل للطي، صالة رياضية، سبا مع ساونا، مسرح سينمائي، وديسكو مجهز بغرفة للدي جي.
يحتوي اليخت أيضًا على مرافق طبية متقدمة، بما في ذلك وحدتا عناية مركزة وطبيب دائم على متن السفينة، مما يعكس تصميمه كمنزل عائم مستقل. يضم اليخت مطبخين منفصلين، أحدهما للمالك والآخر للطاقم، مع مخبز مخصص ومرافق غسيل منفصلة.
من بين المزايا الفريدة، يحمل ليدي مورا مروحية من طراز “إيرباص H130” مسجلة باسم “هيلي مورا”، بالإضافة إلى زوارق فاخرة تشمل زورق “ليتل ساف” (92 قدمًا) من طراز مانغوستا، وزورق “ليتل سارة” بطول 30 مترًا. تُخفى معظم المعدات، بما في ذلك الزوارق والمراسي، خلف أبواب هيدروليكية للحفاظ على المظهر الأنيق لليخت.
رسو يخت ليدي مورا في ميناء المضيق في 21 أبريل 2025، كما أشارت بيانات تتبع السفن عبر نظام AIS، يُعد حدثًا مميزًا لهذه المدينة الساحلية الهادئة. اليخت، الذي كان في طريقه إلى المضيق بسرعة 0.1 عقدة، أثار إعجاب السكان المحليين والزوار على حد سواء بمظهره المهيب وحجمه الضخم.
مدينة المضيق، التي تشتهر بجمالها الطبيعي وموقعها الاستراتيجي، ليست غريبة على استقبال اليخوت الفاخرة، لكن حضور ليدي مورا يُضفي طابعًا خاصًا. اليخت، الذي زار في السابق موانئ عالمية مثل موناكو وكان، يُظهر من خلال توقفه في المضيق جاذبية المغرب كوجهة للرفاهية والسياحة البحرية.
يُعتبر ليدي مورا رمزًا للابتكار في عالم اليخوت، حيث قدم ميزات ثورية مثل النادي الشاطئي وحمام السباحة الداخلي، وهي عناصر أصبحت معيارية في اليخوت الحديثة. كما أن حالته الممتازة، رغم مرور أكثر من ثلاثة عقود على إطلاقه، تُظهر مستوى العناية والصيانة التي تلقاها، حيث أشارت تقارير إلى أن اليخت يبدو وكأنه في عمر خمس إلى عشر سنوات فقط بفضل التحديثات المستمرة وقلة ساعات تشغيل المحركات
استضاف اليخت شخصيات بارزة مثل الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الأب وزوجته باربرا، مما يعكس مكانته كمنصة للنخبة العالمية. وعلى الرغم من تعرضه لحادث جنوح في عام 2007 خلال مهرجان كان السينمائي، إلا أنه استمر في التألق كأحد أكثر اليخوت شهرة في العالم
يخت ليدي مورا، الذي يرسو اليوم في شواطئ المضيق، ليس مجرد سفينة فاخرة، بل هو تحفة فنية وهندسية تحمل في طياتها قصص الرفاهية والابتكار. من تصميمه الرائد إلى تاريخه العريق، يظل ليدي مورا رمزًا للتميز في عالم اليخوت. تواجده في المضيق يُبرز جاذبية هذه المدينة كوجهة عالمية، ويذكّرنا بأن الفخامة الحقيقية تكمن في التفاصيل، سواء كانت لوحة ذهبية عيار 24 قيراطًا أو ناديًا شاطئيًا يعيد تعريف الاستمتاع بالبحر.
ليدي مورا، بكل بساطة، هو حلم عائم يجسد الإبداع البشري، وقد أصبح جزءًا من قصة المضيق، ولو للحظات، ليترك بصمة لا تُنسى في ذاكرة هذه المدينة الساحرة.