“سقوط المُغرب أتلتيك تطوان”: أزمةُ تسيير .. أم نِهاية مَشروع؟”
– هاشمي بريس
– بقلم / محمد رضا المرابط
مرّ عقدٌ كاملٌ من الزمن، على بداية مسلسل التراجع الذي أصاب نادي المُغرب أتلتيك تطوان، الفريق الذي خطف الأنظار مطلع العقد الماضي بأدائه المتميز نظير تتويجه بلقبي البطولة الوطنية في أولى نُسخها بجلباب الإحتراف، قبل أن يدخل في نفق مُظلِمٍ وطويل من التخبط والعشوائية، انتهى بسقوط مدوٍّ إلى القسم الوطني الثاني في موسم المئوية 2021 _ 2022، حتى تلاه صعود لم يكن النادي أجدرُ بنيله في ظل النكسات والأوضاع الكارثية المتكررة التي تُحيط بالنادي على جل الأصعدة والمستويات، لينهار الفريق مُجدّداً ويغادر قسم الكبار مع نهاية الموسم الحالي بطريقة لم يستوعبها الشارع التطواني ومعه الجمهور العاشق المتيم بحب هذا النادي العريق.
تسلسل الأحداث خلال السنوات العشر الماضية يرسم صورةً قاتمةً لمسار فريق كانت له الكلمة في كرة القدم المغربية، لكن تدبيره الهاوي وتغيّر مراكز القرار قاده إلى مسلسل من الإخفاقات المتواصلة.
لقد كان عام 2015، لحظةً مِفصليةً في تاريخ “الماط”، فبعد المشاركة التاريخية في كأس العالم للأندية كمُمثل للمغرب عقب فوزه بدرع البطولة موسم 2013-2014، دخل الفريق في مرحلة ارتباكٍ تقني وتسييري واسع، حيث فشِل الفريق في تدعيم صفوفه بشكل مدروس، وتعرض لصدمات نتائجية، لتبدأ رحلة الانحدار البطيء من السموّ.. إلى الإنحطاط…
شهِدت فترة 2016 _ 2018، توتّراً مالياً مُتزايداً بسبب تراكم الديون، وغياب دعم مُستدام من الجهات الرسمية والخاصة، ما أثر على الانتدابات وظروف العمل داخل النادي على المستويين الرياضي والتقني، تناوب أكثر من مدرب على العارضة الفنية، دون أي استقرار، وهو ما انعكس سلبا على نتائجه التي باتت تتأرجح بين مراكز الوسط وشبح النزول.
ومع حلول العام 2018، تمكّن الفريق من الحفاظ على مكانه في القسم الأول خلال هذا الموسم، وسط محاولات جزئية لإعادة التوازن، لكنها بقيت دون جدوى حقيقية بسبب غياب رؤية استراتيجية واضحة، حيث ظل النادي رهين اجتهاداتٍ فردية وقرارات ارتجالية.
في خِضّم جائحة كوفيد-19، تدهورتِ الأوضاع أكثر، ووجد الفريق نفسه عاجزاً عن مجاراة نسق البطولة الاحترافية، حيث أطلت نافذة السقوط الأول إلى القسم الثاني كحجرة باردة نزلت على جل مكونات الفريق بعد عجزه على تحقيق نقطة واحدة في آخر ثمان مباريات من مسار البطولة، ليبدأ ناقوس خطر حقيقي يلوح في الأفق، لكنه لم يدفع المسؤولين وقتها إلى مراجعة الحسابات بالشكل المطلوب.
هذا النزول قُوبِلَ بعودة سريعةٍ لقسم الأضواء بعد موسم ناجح في القسم الثاني بقيادة الإطار الوطني الخلوق عبد اللطيف جريندو برئاسة رضوان الغازي رئيس الشركة الرياضية ورئيس النادي في تلك الفترة، ومع هذه العودة تمكن الأتلتيكو أيضا من بلوغ الدور النهائي لمنافسة كأس العرش حيث كان قاب قوسين أو أدنى من التتويج باللقب لولا بعض الأمور التي حدثت آنذاك وكانت سببا مباشراً في إفساد النهائي الذي احتضنه ملعب أدرار بمدينة أكادير ضد فريق الجيش الملكي.
فبالعودة لرجوع المُغرب التطواني إلى القسم الأول، تلك العودة التي لم تكن مبنيةً على مشروعٍ رياضيٍّ متكامل، بل كانت نتيجة اجتهاد تقني مؤقت، ما جعل الفريق عرضة للانهيار مُجدداً.
غياب البنية التحتية الرياضية، وتكرار نفس أخطاء الماضي، جعل عودته إلى “البريمييرا” بصورة غير مستدامة، ولا ترتكز على أسس فعّالة وتسيير عقلاني
جادّ.
عاش نادي الحمامة البيضاء، خلال فترة 2023 _ 2025، فوضى تسييرية وسقوط مريب، حيث تفجّرت الأزمة داخل المكتب المسير، خاصة مع تولي يوسف أزروال رئاسة النادي، وقبل ذلك اللجنة المؤقتة التي تسلمت قيادة الفريق وعمّرت طويلا، إلا أن غالبية الأعضاء الذين كانوا على رأس اللجنة تم انتخابهم بشكل رسمي خلال الجمع العام قُبيل انطلاق الموسم الكروي المنصرم لقيادة الفريق كمكتب رسمي منتخب بقيادة يوسف أزروال، تكررت الصراعات الداخلية، وتدهورت العلاقة مع الجماهير، بين اختيارات تقنية غير موفقة، ومُدربين يتم الاستغناء عنهم في منتصف المواسم، ونتائج كارثية جرّت الفريق تدريجياً نحو القعر في مشهد قاهر لكل غيور.
وفي موسم 2024-2025، وصل الانهيار ذِروته، ليهبط الفريق مُجدداً إلى القسم الثاني، وسط حالة غضب شديد من الجماهير، الذين اعتبروا ما حدث “إهانة لتاريخ نادٍ عريق”.
وفي مقابل كل هذه الزوبعة التي تحيط بالفريق أتت ردود الفعل من الحلقة الأهم في هذه المنظومة، إذ خرجت جماهير المُغرب التطواني عن صمتها، مُندِّدة بما وصفته بـ”العبث التسييري”، مُطالبةً بمحاسبة المسؤولين عن هذا الانهيار، ومُشددة على ضرورة التغيير الجذري وإعادة هيكلة النادي وفق أسس احترافية، تضمن عودته السريعة إلى قسم الأضواء.
ورغم الألم، يرى كثيرون في هذا السقوط فُرصةً لإعادة البناء، شرط الاعتراف بالأخطاء وتقديم كشف حساب شفاف من طرف الإدارة، التي تبدو اليوم أمام لحظة حاسمة، إما لتصحيح المسار أو الانسحاب وفسح المجال لكفاءات جديدة تحمل مشروعا حقيقيا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
لقد كان عقداً مليئا بالتحديات حيث فاز السلبي عن الإيجابي وبين هذا وذاك، فَقَد المُغرب أتلتيكو تطوان بريقه، من نادٍ بطلٍ ومُمثّل للمغرب عالمياً، إلى فريق يُعاني الويلات في الدرجات الدنيا.. واليوم، أكثر من أي وقت مضى، تلوح الحاجة إلى إصلاح شامل، يُعيد للنادي هويته، ولجماهيره الأمل الذي بات شبه مفقود، ولتطوان موقعها المستحق في خارطة الكرة الوطنية.
#تطوان #المغرب #رياضة #كرةالقدم #المغرب_التطواني #football #sports #morocco #microphone_reda