هروب بشار الأسد إلى روسيا: نهاية حقبة أم بداية أزمة جديدة؟

1 294

 

د. محمد عادل التريكي

في خطوة مفاجئة، غادر الرئيس السوري بشار الأسد دمشق متوجهًا إلى روسيا، وفقًا لمصادر مطلعة، في وقت يواجه فيه نظامه أزمة سياسية خانقة وضغوطًا داخلية ودولية غير مسبوقة.

الهروب يطرح أسئلة كبرى حول أسباب هذه الخطوة، وتوقيتها، وتداعياتها على المشهد السوري والإقليمي.

 

الأسباب الكامنة وراء الهروب

 

تزامن فرار الأسد مع تصاعد الأزمات المتعددة التي تواجه سوريا، بما في ذلك:

 

الأزمة الاقتصادية الحادة: انهيار الليرة السورية وارتفاع معدلات الفقر والتضخم.

 

العزلة الدولية المتزايدة: حيث ازدادت الدعوات لمحاكمة الأسد بتهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

 

تدهور الدعم الإيراني: نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تعيشها طهران والضغوط الدولية عليها، مما قلّل من قدرتها على دعم النظام السوري كما في السابق.

 

الخلافات الداخلية داخل النظام: تقارير عن تصاعد التوتر بين الدائرة المقربة من الأسد، بما في ذلك قادة الأمن والجيش، ما جعل بقاؤه في دمشق محفوفًا بالمخاطر.

 

 

الملاذ الروسي: ملجأ الحلفاء أم خطوة استراتيجية؟

 

لطالما كانت روسيا الشريك الأساسي للنظام السوري منذ اندلاع الأزمة. وقد وفرت الحماية السياسية والدعم العسكري، خاصة من خلال الفيتو الروسي في مجلس الأمن والتدخل العسكري المباشر عام 2015.

لكن هروب الأسد إلى روسيا قد يعكس تحولًا في العلاقة بين الطرفين. بعض المحللين يرون أن روسيا قد تكون دفعت الأسد إلى مغادرة سوريا لتسهيل عملية انتقال سياسي تخدم مصالحها.

 

من جهة أخرى، هناك تساؤلات حول ما إذا كانت روسيا ستستخدم الأسد كورقة ضغط على الغرب للحصول على تنازلات في ملفات أخرى، مثل العقوبات الاقتصادية أو الصراع الأوكراني.

 

تداعيات هروب الأسد على الداخل السوري

 

فراغ السلطة: من سيملأ الفراغ السياسي والأمني الذي سيتركه الأسد؟ مع تعدد الأطراف المتصارعة، بما في ذلك المعارضة المعتدلة، والفصائل المسلحة، والتنظيمات الإرهابية، يبدو أن سوريا أمام مرحلة جديدة من عدم الاستقرار.

 

احتمال تصعيد داخلي: انسحاب الأسد قد يشعل صراعًا بين قادة النظام المتبقين أو يؤدي إلى زيادة نشاط المعارضة المسلحة.

 

الموقف الشعبي: هروب الأسد يُعدّ صفعة جديدة لمؤيديه، حيث يُظهر تخلي القيادة عن شعبها في أحلك الظروف.

 

 

البُعد القانوني: هل تبدأ رحلة العدالة؟

 

هروب الأسد يفتح الباب أمام إمكانية ملاحقته دوليًا بتهم تشمل استخدام الأسلحة الكيميائية، وقمع المدنيين، وارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وقد يُفعّل المجتمع الدولي جهود المحكمة الجنائية الدولية لتقديمه للعدالة.

ولكن تبقى هناك تحديات قانونية وسياسية، خاصة مع وجود روسيا كداعم له، مما قد يمنحه الحماية من تسليمه لأي جهة قضائية.

 

التداعيات الإقليمية والدولية

 

على مستوى التحالفات: هروب الأسد قد يزعزع الاستقرار في العلاقات بين حلفاء النظام، مثل إيران وروسيا.

 

على مستوى المنطقة: الدول المجاورة لسوريا، مثل تركيا والأردن ولبنان، قد تواجه موجة جديدة من اللاجئين أو تصاعدًا في التوترات الأمنية.

 

على الساحة الدولية: الغرب قد يستغل هذا التطور لتسريع عملية انتقال سياسي، لكن روسيا ستظل لاعبًا رئيسيًا في تحديد مصير سوريا.

 

 

ماذا بعد؟

 

سوريا تدخل الآن مرحلة جديدة تحمل معها الكثير من الغموض. هل سيؤدي غياب الأسد إلى بدء عملية انتقال سياسي شاملة تنهي معاناة الشعب السوري؟ أم أن البلاد ستنزلق إلى مزيد من الفوضى والصراع؟

في الوقت الذي ينتظر فيه السوريون بصيص أمل، يبدو أن المشهد العالمي والإقليمي سيظل يتعامل مع تداعيات هذا الحدث لسنوات قادمة.

تعليق 1
  1. عمران يقول

    شكرا .تحليل راق .موضوعي .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.