تقرير المالية يكشف عجز حكومة أخنوش عن تقليص الامتيازات الضريبية رغم وعود الإصلاح
تقرير المالية يكشف عجز حكومة أخنوش عن تقليص الامتيازات الضريبية رغم وعود الإصلاح

– هاشمي بريس
تضخم مستمر في النفقات الجبائية
كشف تقرير مشروع قانون المالية لسنة 2026 استمرار تضخم النفقات الجبائية، رغم وعود حكومة عزيز أخنوش بإصلاح النظام الضريبي وضبط الامتيازات غير المنتجة. وأوضحت وزارة الاقتصاد والمالية أن كلفة الإعفاءات والتحفيزات بلغت سنة 2025 حوالي 274 مليار درهم، مقابل 268 مليار درهم سنة 2024. أي بزيادة 1.7 في المائة. لذلك، يفشل هذا الإجراء في تقليص العبء المالي الذي يرهق خزينة الدولة دون مردودية واضحة.
الضرائب الأكثر استفادة من الإعفاءات
أوضح التقرير أن الضريبة على القيمة المضافة تستحوذ على النصيب الأكبر من النفقات الجبائية بما يفوق 60 مليار درهم، أي ما يقارب نصف المبلغ الإجمالي. كما تأتي الضريبة على الدخل والضريبة على الشركات في المرتبة التالية. وتتركز الإعفاءات في قطاعات الصناعة والعقار والفلاحة والطاقة، التي استفادت منذ سنوات من تحفيزات ضريبية ومالية لدعم الاستثمار والنمو، غير أن الأثر الاقتصادي والاجتماعي ما زال محدوداً.
الأسر والمقاولات… استفادة متفاوتة
تشير المعطيات إلى أن الأسر المغربية استفادت من نحو نصف النفقات الجبائية عبر إعفاءات تتعلق بالضريبة على الدخل، والقروض السكنية، والمصاريف التعليمية. في المقابل، استفادت المقاولات من حوالي 45 في المائة من الكلفة الإجمالية بفضل التحفيزات الاستثمارية وتخفيضات الأرباح. علاوة على ذلك، لم تُراجع عدة إعفاءات رغم انتهاء آجالها القانونية، ما يطرح تساؤلات حول مدى شفافيتها وجدواها.
وعود العدالة الجبائية بين الشعارات والواقع
رغم رفع الحكومة شعاري “توسيع القاعدة الضريبية” و“تحقيق العدالة الجبائية”، تكشف الأرقام عن واقع مختلف تماماً. فقد تحولت الامتيازات الجبائية إلى دعم غير مباشر للفئات الميسورة والقطاعات الكبرى. ووفق خبراء الاقتصاد، يضع هذا الوضعف الدولة أمام صعوبات تمويل قطاعات التعليم والصحة والاستثمار العمومي. كما يكرّس تفاوتاً ضريبياً واضحاً، خاصة وأن حجم النفقات الجبائية يعادل تقريباً ربع الناتج الداخلي الخام.
نقائص في التقييم وضعف في الأثر
أقر التقرير بوجود نقائص تقنية ومنهجية في تقييم النفقات الجبائية. إذ تعاني عملية الحصر نقص البيانات وصعوبة قياس الأثر الاقتصادي الفعلي. وبالرغم من اعتماد الوزارة نظاماً رقمياً موحداً، لم تحقق هذه الخطوات تقدماً ملموساً بعد.
غياب إصلاح فعلي رغم الوعود
أكدت وزارة المالية أنها تعمل على إرساء إطار مؤسساتي لتقييم النفقات الجبائية بانتظام. ومع ذلك، لم تظهر الإصلاحات السابقة نتائج ملموسة، مما يثير الشكوك حول جدية الخطوات الحالية. ويرى الخبراء أن استمرار الحكومة في تبني سياسة جبائية متساهلة مع الإعفاءات الواسعة يضر بتوازن النظام الضريبي وعدالته. لذلك، يشددون على ضرورة إعادة توجيه الدعم نحو الطبقات الوسطى والصغرى بدل الشركات الكبرى.
مفارقة حكومية واضحة
في النهاية، يرسم مشروع مالية 2026 صورة دقيقة لمفارقة حكومية صارخة. فبين الوعود المتكررة بالإصلاح والإصرار على الإبقاء على الامتيازات القديمة، يبدو أن الحكومة لم تنجح بعد في وقف النزيف المالي الذي يهدد توازن الميزانية. وبذلك، تبقى العدالة الجبائية شعاراً مؤجلاً أكثر منها إصلاحاً قائماً.
